لا شك أن هناك العديد من النتائج والآثار السيئة المترتبة على
شيوع ظاهرة الإسراف والتبذير، ومن ذلك ( ١
١- الإسراف خطر على العقيدة: الإسراف يرفع مستوى
معيشة الفرد والأسرة رفعا كاذبا يفوق الدخل الحقيقي المستمر، ثم
لا تكاد المكاسب الجانبية تزول ولا يبقى سوى الدخل الحقيقي،
حتى يلجأ كثير من المسرفين إلى طرق شريفة وغير شريفة لاستمرار
التدفق النقدي وتحقيق المستوى العالي من الإنفاق الذي اعتادوه؛
فتمتد اليد بشكل أو بآخر، فيقعوا تحت وطأة الكسب الحرام، ذلك
أن المسرف قد تضيق به أو تنتهي به موارده، فيضطر تلبية وحفاظًا
على حياة الترف والنعيم التي ألفها إلى الوقوع في الكسب الحرام،
كل جسد نبت من سحت فالنار أولى » : وقد جاء في الحديث
.(٢)« به
٢- الإسراف نوع من التسرع والتهور: الإسراف نوع من
التهور والتسرع وعدم التبصر بعواقب الأمور، وقد يكون دليلاً
على الاستهتار وعدم الحكمة في تحمل المسئولية، وكل ذلك يؤدي
إلى وخيم العواقب وسيئ النتائج، فهو يقتل حيوية الأمة ويدي ا
٢٧ )، مجلة - ص( ١٧ ،« الإسراف أسبابه وآثاره وعلاجه » 1) السيد محمد نوح )
الاقتصاد الإسلامي دبي، العدد ( ٥٠ )، محرم ( ١٤٠٦ ه)، وعبد الله الجعيثن
،( مجلة الدعوة، الرياض، ( ١١٢٨ ؛« الإسراف وخطره على العقيدة »
،( لندن ع( ١٣ ،« عواقب التبذير » ١٤٠٨ ه)، ص( ٢٤ )، ومجلة البيان /٦/٢٠)
.( ذو الحجة ٠١٤٠٨ ه)، ص( ٤٠٧
.(٣٧/ 2) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، ج( ١ )
الإسراف والتبذير ٢٣
إلى البوار والفساد، ويملأ القلوب حقدا وضغينة، ويقضي على حياة
الأمن والاستقرار، كما أن فيه كسرا لنفوس الفقراء وبطرا لأهل
.( الغنى ( ١
٣- الإسراف ودواعي الشر والإثم: فالسرف داع إلى أنواع
كثيرة من الشر؛ لأنه يحرك الجوارح إلى المعاصي، ويشغلها عن
الطاعات، كما أنه يحرك الغرائز الساكنة أو الكامنة في هذه النفس،
وحينئذ لا يؤمن على الفرد من الوقوع في الإثم والمعصية. فالشيطان
أعظم ما يتحكم في الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام، ولهذا قال عليه
ما ملأ آدمي وعاءً شرا من بطن، بحسب ابن » : الصلاة والسلام
آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محال، فثلث لطعامه، وثلث
.(٢)« لشرابه، وثلث لنفسه
٤- الإسراف وتأثير على البيئة: يعد الإسراف سببا رئيسا من
أسباب تدهور البيئة واستتراف مواردها. وهو وإن كان متعدد
الصور والأساليب، إلا أنه يؤدي بشكل عام إلى نتيجة واحدة:
.( إهلاك الحرث والنسل، وتدمير التوازن البيئي ( ٣
٥- الترف والدعوة إلى النعومة والليونة: يؤدي الترف إلى
1) د. حمد الجنيدل - نظرية التملك في الإسلام، مؤسسة الرسالة، بيروت )
.( ١٤٠٣ ه) ص( ٨١ )
2) رواه الترمذي في الزهد، باب ما جاء في كراهية الأكل رقم ( ٢٣٨١ )، وقال: )
هذا حديث حسن صحيح، ورواه أيضا ابن حبان وابن ماجه والحاكم وصححه
الذهبي. ينظر: ابن الأثير، جامع الأصول في أحاديث الرسول، تحقيق عبد القادر
.(٤١٠/ الأرناؤوط، مكتبة الحلواني، بيروت ( ١٣٩١ ه)، ج( ٧
.( ص( ٥١ ،« الإسراف وتأثيره على البيئة » - 3) محمد عبد القادر الفقي )
٢٤ الإسراف والتبذير
النعومة والليونة، التي تدفع الناس إلى الرذائل، وتقعد م عن الجهاد
والتضحية، وفي ذلك أعظم الخطر على الأمة.
٦- التبذير والهوى: التبذير مما يأمر به الهوى وينهى عنه
ولا : العقل، وأحسن الأدب في هذا تأديب الحق سبحانه حين قال
.[ الإسراف: ٢٦ ] تبذِّر تبذِيرا
فالإنسان قد يعطى رزق شهر في يوم، فإذا بذر فيه بقي شهرا
يعاني البلاء، وإذا دبر منه عاش شهرا طيب النفس.
٧- عدم الرعاية والاهتمام بالآخرين: ذلك أن الإنسان لا
يراعي الآخرين ولا يهتم م غالبا، إلا إذا أضناه التعب وغصته
لما سئل: لا نراك تشبع أبدا؟ الحاجة، كما أثر عن يوسف
قال: أخاف إن شبعت أن أنس الجياع( ١)، والمسرف مغمور بالنعمة
من كل جانب، فأنى له أن يفكر أو يهتم بالآخرين.